هي الجاهلية والله
الحمد لله، شرع الجهاد في سبيله وجعله ذروة السنام، وأحب المجاهدين الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص.
والصلاة والسلام على السيد النبي أبي القاسم رسول الله، علمناً الجهاد في سبيلة تعالى، فأورثنا العزة صهوة نمتطيها، تدل سنابك خيلنا عروش الظالمين، فأعز بالجهاد قوماً، وأذل آخرين.
أيها المسلمون:
هي الجاهلية والله، دككنا عرشها الفاني، وهدمنا إرثها الماضي، فكنا راية الحق خفاقة بنودها السامقات، تمضي في سبيل الله وحده، لا تعرف غير هذا السبيل نهجاً أو طريقاً، فمضينا نحن المسلمون، كما الغيث والطل والندى، تمتد ظلالنا الوارفات تحت دوحة السيوف المشروعة، تهتك زندقة الأنظمة الأولى، وتجعل كسري كسراً، وتترل قيصر قهراً.
ومضينا نحن المسلمين، تعيش الشعوب معنا آمنةً مطمئنة، لا تعرف العبودية، فكيف تعرفها وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، فقد جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد.
أيها المسلمون:
كذلك كنا، قادة الأرض وسادتها، تمطر حيث شاءت، ويأتي خراجها بعد حين، ليرتد في الفقراء والضعفاء والمستضعفين، فالضعيف بدولتنا القوي، والقوي بعظمة الله قوته، لا يبطش ولا يظلم ولا يعتدي.
ثم دار الزمان دورته، ودالت الأيام بين الناس، فإذا بزهرة الدنيا تأكل القلوب والأفئدة، وإذ بالسف يذبل في المعاصم القابضة واستبد بالناس إتباع أذناب البقر، فتداعي الأكلة إلى قصعتنا، على حين غفلة منها، من كل حدبٍ ينسلون، يحملون الكفر والزندقة، بضاعة الجاهلية الأولى، فانحنى للجاهلية القادمة مع السيوف والدماء إلى المكاحل والرحب ناس، وحمل السيف على تخوف آخرون، فكان لنا صلاح الدين الأيوبي، يصنع فجر الأمة من مداد العلماء ودمائهم، مجاهدين يركبون ثبج البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، فطهرنا بلادنا، ورفعنا في المسجد الأقصى نداء الله أكبر الله أكبر.
ثم دار الزمان دورته، وجاء نابليون وحملتُه، يتداعى الأكلة إثرَه، فانبهر الناس بالعلمانية القادمة من وراء البحار البعيدة، وكادت تكون في الناس ردة، وكنا نحن الإخوان المسلمينَ أبا بكرٍ لها، نمنع الردة أن تكون، بنهج دعوتنا الربانية، نحن الإبلَ الرواحلَ، نسعف ونغيث، ونبني ونعلم، ونعيد الثقة إلى القلوب، ونقبض على السواعد بيعة صادقة، تجمع قطرات الندى، أول غيث في طريق الفجر الصادق.
نحن الإخوان المسلمين، حملنا راية الدعوة الربانية، يوم كان الناس مبهورين بالغرب الصليبي وحضارته، فسرنا بدعوتنا في كل باب خير، فإذا بمعاركنا في القناة، تذيق الإنجليز الموت ألوانا، ما بين تفجير وتدمير وتتبير.
ونادتنا فلسطين، فلسطين العروبة والإسلام، نادتنا فلسطين، والناس سكرى، والحكومات مشغولة بسفاسف تقاسم الوزارات، والأحزاب أطلال وركام، نادتنا فلسطين.
نادتنا؛ فلبينا النداء، تتسابق قلوبنا نحو بئر السبع، والنقب، وصور باهر، ودير البلح، في معركة كفار داروم، وخزاعة ، والفالوجا ودير سنيد، والتبة 86، والعسلوج، وغيرها من معاركنا الكريمة، نقيم الخنادق، نزرعها بالذاكرين الله كثيراً، قادتنا في الدعوة قادتنا في الميادين، يودعنا إمامنا حسن البنا، لتسارع أنظمة الردة إلى قتله، في شوارع القاهرة، بسبب إرساله المجاهدين إلى فلسطين، فكأنه التاريخ تعاد رسومه وأطلاله.
نادتنا فلسطين، فزرعناها بالزنبق والياسمين، يقود الشيخ محمد فرغلي جند الله تعالى، فكانت العملية الاستشهادية الأولى للبطل المجاهد الشهيد عمر عثمان بلال المصري، من أهل الإسكندرية، تتناثر أشلاؤه على أسلاك مغتصبة كفار داروم، وندفن يومها سبعين شهيداً من الإخوان المسلمين المصريين، بقيت قبورهم بغزة، إلى وسط الستينات، يوم قررت مصر نقل رفاتهم إلى مواطنهم، وشاعر الإخوان بغزة يبكي:
يقول دم الشهيد دعوا عظامي فما في الدين مصري وشامي
فببئر السبع مقابر شهدائنا من الإخوان المسلمين من مصر، وبصور باهر، وبيت المقدس مقابر شهدائنا من الإخوان المسلمين من سوريا والأردن، يقودهم الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله.
كنا نحن الإخوانَ المسلمينَ المجاهدينَ يوم كان الناس، كل الناس إلا نحن حائرين.
نحن الإخوان المسلمين، ورثناها كابراً عن كابر، ورثناها صعبة المراس، شديدة العناد، فكنا وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس.
جاءت حماس على موعد مع النصر والتمكين.
جاءت فتناوشتها مخالب الأفاعي، وتداعت عليها بساطير الأجهزة الأمنية، تدق في الثلث الأخير ليلاً بيوت جندها.
جاءت حماس، ابنة الإخوان المسلمين، فشتمها الشاتمون، ونعتها الظالمون بكل نعت، وحاول المجرمون استئصال شجرتها، ولكنه قدر الله، الغيث الآتي كما الفجر، إنها حماس.
حماس الإخوان، ابنة الحركة الإسلامية الراشدة، التي تمتد في كل الأقطار، تبعث الهمة في النفوس، تمضي قدراً غلاباً، في كل البقاع، فأبشروا وأمِّلُوا، وأبشروا وأمَّلُوا وأبشروا وأمَّلُوا.
تعليقات الفيسبوك