الوعي القيادي

معادلات إنتاجية

عبد الله يوسف*

 

لعلّ من أهم المشكلات التي يجب أن ينبري لها القادة، ويتنبّه لها كل صاعد وواعد، ويعالجها كل من يروم النهضة لأمته: محدودية الإنتاجية الشخصية والجماعية للإنسان المسلم والمؤسسات العاملة في المجتمعات العربية والإسلامية، ولا شك في ذلك فإن الإحصائيات حول الإنتاجية الشخصية والجماعية تعطيك دلالة واضحة عن عمق هذه الأزمة.

وكذلك تعاني الأمة من أزمة فاعلية ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة في المجتمعات العربية والمسلمة؛ وفي هذا المقام نجد أن فاعلية الموظف في إحدى الدول العربية لا تتجاوز الخمس دقائق في اليوم الواحد!، وفي المقابل نجد أن اليابان بعد هزيمتها أمام أمريكا بضربة نووية ساحقة استنفرت العنصر البشري بفاعلية يومية تتجاوز العشرين ساعة!

وهذه المقارنة البسيطة تدلل على أن الإنسان العربي مُخدَّر، وإنتاجيته ضعيفة جداً، ولا يعطي بالاً للساعة الواحدة في وقت أصبح العالم فيه يتحدث عن تأثير الثانية الواحدة!

ورحم الله عمر إذ يقول: "إني لأكره أن أرى الرجل سبهللا ليس له في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة".

وفيما يلي بعض المعادلات التي من الممكن أن تُحسّن من الإنتاجية الشخصية، جمعتها للقارئ الكريم من بعض الكتب والمراجع، مع إضافات من التجربة الشخصية المتواضعة في برمجة الوقت.

أولاً: كيف تعرف حقيقة ما يهمك:

قبل أن نبدأ في سرد بعض القواعد والمعادلات الإنتاجية التي ستساعدك -بإذن الله – في زيادة إنتاجيتك، وترتيب أولوياتك وأوقاتك، دونك هذه الطرق الثلاثة لتعرف من خلالها أهدافك الحقيقية في الحياة:

باقي 6 شهور: لو أخبرك الطبيب أن المتبقي من حياتك 6 شهور من اليوم، ماذا ستفعل؟. إجابتك على هذا السؤال هي ما يهمك حقيقة، وعليك أن تبدأ به حالاً.

اكتب نعيك: تخيل أنك ستلقي خطاباً تنعى فيه نفسك بعد موتك، وتذكر فيه أهم مزاياك، وأفضل ما حققت، ماذا ستكتب؟ .. أيضاً ما ستكتبه في نعيك هو ما يهمك حقيقة، فلا تؤجله.

خذ ورقة وقسّمها بالقلم إلى 4 أقسام كالتالي:

أ. أمور أتمنى عملها.

ب. أمور أتمنى التوقف عنها.

ج. أهم مزاياي.

د. أهم عيوبي.

ثانياً: الإنتاجية = (التركيز × الطاقة × الوقت) لتحقيق هدف فعال

حتى تحقق هدفك بشكل فاعل لا بد من توفر شروط ثلاثة:

  • التركيز في مسألة واحدة فقط، تمثل لك أولوية قصوى، وشيء مهم جداً لا بد لك من إنجازه، ولا مجال لتأخيره.
  • العمل على إنجاز هذه المسألة في الوقت الذي تتمتع به بكامل طاقتك، وتركيزك، ونشاطك العقلي والجسمي.
  • توفر الوقت الكافي لإنجاز هذه المسألة، ولا تعطها فضول وقتك، بل الوقت الحيوي من يومك.
  • التركيز والطاقة بدون الوقت: الانشغال يضعف الإنتاج
  • التركيز والوقت بدون الطاقة: التعب يمنع الإنتاج
  • الوقت والطاقة بدون تركيز: التشتت يمنع الإنتاج

 

ثالثاً: مارس طريقة (أ ب ج د ي)  لتساعدك في تحديد بم تبدأ؟

عادةً ما يصيبنا بعض الإشكال في تحديد أولوية العمل في الجدول اليومي أو الأسبوعي، ولا نستطيع تحديد العمل الأكثر أهمية بالنسبة لنا، وهذه طريقة جميلة تساعدك في ترتيب أولوياتك في إنجاز المهام والأعمال، وهي كالتالي:

  • (أ) شيء ما مهم جداً: عمل ما مهم جداً وعليك أن تبدأ بتنفيذه عاجلاً، ولا يمكن لك أن تؤجله، فابدأ به.
  • (ب) مهمة عليك فعلها: عمل ما ينبغي عليك فعله، ولا يمكن أن تحذفه، أو تفوضه، لكن ممكن أن تؤجله، اجتهد أن تنفذه بعد شيء ما مهم جداً.
  • (ج) شيء ما يحسن بك أن تقوم به: مهام ثانوية.
  • (د)  شيء ما يمكن أن توكله إلى شخص آخر: فوّض هذا الشيء، وألق عن كاهلك كل ما يمكن أن يقوم به شخص آخر.
  • (ي) شيء ما يمكن أن تحذفه كلياً: قوّ قلبك، واحذف كل الأشياء التي لا طائل من ورائها، ولا فائدة، ولا تحقق لك ميزة إضافية.

رابعاً: تحسين جودة الإنتاجية

لتحصل على نتائج إيجابية عالية، وحتى تُحسّن جودة الإنتاجية لديك، اتبع المعادلة التالية:

  1. خطّط: للمهمة قبل أن تبدأ بتنفيذها، ثم ..
  2. نفّذ: المهمة حسب ما خططت لها، ثم ..
  3. قيّم: المهمة التي قمت بتنفيذها، سواء من خلالك أو بتكليف فريق عمل لهذه المهمة، ثم ..
  4. عدّل: إذ لا قيمة للتقييم إذ لم يتم التعديل والتحسين.

خامساً: عوائق الإنتاجية

ثمة مشكلات تعيق الإنسان عن الإنتاجية الحقّة، وتمثل له مطبّات في الطريق، وإن لم يستدرك فإنها بلا شك ستكون عائقاً مهماً أمام الإنجاز، وهي:

  1. المثالية: لا تنتظر الظروف المناسبة، ولا تنتظر أن تعمل بلا أخطاء، ولا يمكن أن تكون استراتيجيتك: صفر أخطاء – صفر مشاكل.
  2. الخوف: تأكد أن لديك القدرة على إنجاز الشيء الكثير، وأن المخاوف تتبدّد في اللحظة التي تعلن فيها البدء بالتنفيذ.
  3. ضعف التحكم: لا أحد يستطيع أن يتحكم في وقتك، وفي قراراتك، وفي توجهاتك، أتقن قول "لا" وتحكم في ذاتك، سيحصل لك مقصودك.
  4. ضعف برمجة الوقت: برمج وقتك، وحدّد أوقاتاً نهائية لإنجاز المهام، واكتب قائمة أعمالك صباح كل يوم، وبداية كل أسبوع، واهتم بجداول تنظيم الوقت، والأجندة السنوية، وخذ الأمر على محمل الجدّ .. تجد!
  5. عدم التنظيم: نظم مكتبك، وأوراقك، وأهدافك، وأوقاتك .. نظم عقلك، نظم كل شيء من حولك، تزيد إنتاجيتك.

سادساً: قسّم الأعمال والمشاريع على مستويات 

إذا كنت ممّن ينفذون مشاريعهم وأعمالهم بمثالية عالية، فإليك المعادلة التالية:

  • A: مشاريع هامة جداً يجب إتقانها.
  • B: مشاريع هامة لكن لا يجب إتقانها.
  • C: مشاريع غير هامة.
  • ثم قم بإلغاء C ، وإنهاء B بدون إتقان، والتعامل مع A بكل ما أوتيت من قوة.

سابعاً: تحكم في مهامك:

لعلاج مشكلة ضعف التحكم في المهام، وهجومها عليك، وتراكمها أمام ناظريك، فإنه بإمكانك تقسيمها إلى:

  1. مهمة وضرورية.
  2. مستحسنة.
  3. يمكن تأجيلها.

ثامناً: علاج التسويف

يوجد عدة طرق لعلاج مشكلة التسويف في أداء المهام والأعمال، وتعتبر هذه الطريقة من أشهر الطرق، وهي تعتمد على أداء المهمة بنفسك:

  1. أصدر قراراً: بالبدء في المهمة أو المشروع، واملك الإرادة على ذلك، وأصدر قراراً بمنع نفسك من الأمور التي تحبها إلى أن تقوم بإنهاء المهمة.
  2. المبادرة: اقفز إلى المهمة، وبادر بالأداء دون تردد أو إبطاء.
  3. التجزئة: قسّم المهمة إلى أجزاء وقم بأدائها جزءاً جزءا.
  4. حدد النهاية: حدّد موعد لأداء أية مهمة، وعندما تحدد نقطة النهاية يبدأ سباقك مع الزمن لإنهائها.
  5. نقطة البداية: ليس بالضرورة أن تبدأ كتابة بحثك من البداية، بل يمكنك أن تختار الفصل الثالث مثلاً كنقطة بدايتك. عندما تبدأ سيبدأ المشروع بالانطلاق مهما كانت نقطة البداية.

Sتاسعاً: إدارة المقاطعات بطريقة STING

إذا كنت تعاني من مقاطعات كثيرة أثناء تأدية مهامك، وإذا كانت إنتاجيتك في نقصان نتيجة قلة التركيز، فإن هذه المعادلة تساعدك بشكل كبير على تجاوز مشكلة المقاطعات، وتزيد من نسبة تركيزك وإنتاجيتك:

  1. اختر: اختر مهمة واحدة فقط تود أداءها.
  2. وقّت: حدّد وقتاً لأدائها.
  3. تجاهل: خلال وقت أداء المهمة تجاهل أية أعمال أو مشاغل أو اهتمامات، أو الهاتف أو الكمبيوتر، أو أية أمور أخرى.
  4. لا راحة: لا تـأخذ أي وقت راحة خلال هذا الوقت إلى أن تنتهي من المهمة.
  5. كافئ نفسك: إذا أنجزت المهمة بفترة راحة قصيرة أو عمل أو أكل شيء تحبه ونحو ذلك.

 

عاشراً: صندوق آيزنهاور لإدارة المهام:

تعتبر مصفوفة "إدارة المهام" للجنرال الأمريكي آيزنهاور من أهم المصفوفات التي تحدد الأولويات وتنظم الوقت حسب المهمة الأكثر حاجة لتنفيذها، وهي باختصار تعلمك أن تتعامل مع المهام مثل رجال المطافئ الذين لديهم أربع أنواع من المهام:

  1. الوقاية من الحريق: عمل مهم، لكنه عمل غير مستعجل.
  2. الإنذار الكاذب: عمل غير مهم، عمل غير مستعجل.
  3. إطفاء الحريق: عمل مهم، وعمل مستعجل في نفس الوقت.
  4. خروج خاطئ: عمل غير مهم، لكنه عمل مستعجل.

 

عاجل

غير عاجل

هام

افعله

افعل ذلك الآن.

مثل تعزية صديق بوفاة والدته.

جدوله
ضع له وقتاً محدداً لتنفيذه.

مثل الاتصال بالأصدقاء.

غير هام

فَوّضْهُ
فوضه لمن يمكنه ذلك.

مثل الرد على الإيميلات.

اتركه

انس أمره.

مثل متابعة الشبكات الاجتماعية.

 

خاتمة المعادلات: استيقظ مبكراً قليلًا كل يوم، وانظر إلى قائمة المهام المُعدّة ليلاً، وحدّد أيُّها تشكّل أهمية قصوى لك، ورتبها بالتتابع حسب الأهمية والأولوية، وابدأ بالتنفيذ، ولا تؤجل العمل اليوم إلى الغد، واستعن بالله ولا تعجز.

فهذا ما وفقنا الله إلى جمعه، وتحصيله، وتدوينه من معادلات إنتاجية: فاجمعها، واعمل بها يحصل لك مقصودك، وتزيد إنتاجيتك بإذن الله تعالى.

 

 

رئيس مؤسسة عبير الوعي – قطاع غزة

 

تعليقات الفيسبوك

كن معنا في نشر الوعي

"وتتعمّد منهجيتنا التربوية تربية صفوة كبيرة الحجم من الدعاة تتكون منها قاعدة صلبة للعمل الدعوي وتحمل أثقاله، وتصبر على طول الطريق، وتتكون منها الطبقة القيادية، ثم نحاول صناعة طبقة واسعة من الموالين للدعوة". 11

كن معنا