طريقةُ التصنيفِ والتلقي عند الفقهاء
بقلم: محمد بن محمد الأسطل
علم الفقه علمٌ عظيم، وهو أنفع العلوم([1]) كما ذكر ابن القيم في مقدمة كتابه "إعلام الموقعين"، ويسميه بعض العلماء "أمر الله"، وجاءت هذه التسمية تعقيبًا على بعض أحكام الطلاق في قوله تعالى: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ} [الطلاق : 5].
والفقه أحد العلوم التي تُعيد صياغة عقلية طالب العلم، لا سيما أنه الساحة التطبيقية لعلم أصول الفقه، ولا يخفى على مختص أن علم اللغة وعلم أصول الفقه هما أهم علوم الآلة للمتفقه، وبهما يعتصم الطالب من الزلل، ويسلك جادة العلماء في الفهم والاستنباط، وأكثر الاختلال في التصورات والفتاوى إنما ينشأ عن عدم ضبط هذه العلوم، والاكتفاء بالتخصص الجامعي فقط، على أن ضبطها ليس صعبًا؛ وإنما هو من السهل الممتنع، فلا بد من شيخٍ يتتلمذ الطالب عليه، خاصة في أول الطريق، ولهذا يجتهد الفقهاء في بسط الأحكام الفقهية اللازمة للعامة في كتبٍ مختصرةٍ سهلة.
وإذا كانت العلومُ متعاونةً يحتاج بعضها إلى بعض؛ فإن تعاون العلوم مع الفقه أمرٌ لا مناص منه؛ إذ لا تكتمل الفتيا بتقريرها الفقهي إلا عبر مشاركةٍ كريمةٍ من علم اللغة والأصول التفسير والحديث وغير ذلك بحسب الحاجة، وهذا الاتساع يعطي مجالًا لتعدد الأفهام حتى داخل النص الواحد من الكتاب والسنة، وهذا أحد أسباب نشأة علم الفقه المقارن المسمى بعلم الخلاف، فتجد الفقهاء مختلفين في المسألة الواحدة على عدة أقوال، وإنك لتعجب عند قراءتها من القول ورده والرد على الرد، وهكذا، وكلهم يقصد القول الراجح بحسب ما يتبين له، ومن هنا تكونت المذاهب المتبوعة.
وينضم إلى القائمة بعض العلوم الملحقة بالفقه، لكن لها استقلالية في التصنيف؛ كتاريخ الفقه، والقواعد الفقهية، وطبقات الفقهاء، وتخريج الفروع على الأصول.
ولما كان الفقه بهذه المثابة تنوعت أساليبُ الفقهاء في تناوله على ستة أساليب كبرى: متونٌ مختصرةٌ ومطولة، وشروحٌ مختصرةٌ ومطولة، وكتب آيات الأحكام الفقهية، وكتب أحاديث الأحكام الفقهية، وكتب الفقه المقارن بين المذاهب الأربعة أو أكثر من ذلك، والحواشي والتعليقات.
وإزاء ذلك رسم الفقهاء طريقًا للمتفقه من سار فيه وصل، ومن أخذ ينتقي ولم يحتكم له لم يصل، فضلًا عن أنه سيَتعب ويُتعب، وسأقتصر في هذه المقالة على طرفٍ من منهجية الفقهاء في تصنيف كتب الفروع؛ لحاجة المتفقه لها في أول الطريق، وهي آتية في ثلاث مراحل([2]):
المرحلة الأولى: مرحلة تصور المسائل:
وذلك بحيث يفهم الطالب المسألة، ويتصورها في الواقع تصورًا صحيحًا، بحيث لا تشتبه بغيرها، وذلك من غير نظرٍ لدليلها، لا لعجزٍ في ذكر الدليل؛ وإنما تدرجًا مع الطالب؛ لئلا يتشتت ذهنه عن تصور المسائل في أول رحلة الطلب، وبإمكان الطالب لأدلة بعض المسائل أن يقصد المصنفات التي تذكرها.
وكتب هذه المرحلة هي المتون الأولى في الفن، والشروح المختصرة عليها؛ كشرح ابن قاسم الغزي على متن أبي شجاع، على أن بعض العلماء خدم هذه الكتب بذكر أدلتها؛ كالشيخ الشبلي الذي كتب "الجوهرة الثمينة على أدلة السفينة"؛ أي: متن "سفينة النجاة" في المذهب الشافعي، وهو أول رحلة الطلب عندهم، وكالشيخ مصطفى البغا الذي كتب أدلة متن أبي شجاع في كتابه "التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب".
المرحلة الثانية: مرحلة العناية بالدليل والتعليل:
وكتب هذه المرحلة تزيد من المسائل الفقهية، ولا تكتفي بأمهات المسائل كما هو الحال في المرحلة الأولى، بالإضافة إلى العناية بالدليل والتعليل، وربما ذكر الأئمة شيئًا من الخلاف الفقهي في المسائل بين أئمة المذهب أنفسهم.
ومن كتب هذه المرحلة عند الشافعية "كفاية الأخيار" للإمام الحصني، وهو شرحٌ لمتن أبي شجاع، وذكر فيه الدليل والتعليل، وكذلك شرح المقدمة الحضرمية لباعشن، فله عناية فائقة بالتعليلات.
المرحلة الثالثة: مرحلة الخلاف العالي:
وكتب هذه المرحلة تتوسع في ذكر الفروع، وتذكر الخلاف الفقهي، إما في داخل المذهب الواحد([3])، أو مع المذاهب الأخرى، وبعض الفقهاء يتوسع في تقرير كل قول، ويذكر أدلته، ويناقش ثم يرجح، وقد يبسط أدلة كل فريق لكنه يتوسع في أدلة مذهبه كما فعل ابن قدامة المقدسي في كتابه "المغني"، ولهذا يعده بعض العلماء مذهبيًّا لهذا السبب، ويعده بعضهم مقارنًا بحكم إثبات الأقوال الأخرى وأدلتهم ولو بشيءٍ من الإجمال.
وبعد ذلك يمكن الاهتمام بفقه النوازل، وكيفية تخريج المستجدات على القواعد المذهبية، ومن الكتب التي لا ينبغي أن تفوتك هنا كتاب شيخنا الكريم د. فضل مراد "المقدمة في فقه العصر".
وهذا المنهجُ المتقررُ جليٌّ ظاهرٌ عند الأئمة الفقهاء؛ فابن قدامة المقدسي الذي نقرر شيئًا من منهجه الآن نرى أنه صنَّف عدة مصنفات تدرج فيها مع الطالب شيئًا فشيئًا؛ فوضع كتابه "العمدة" للمبتدئين، واقتصر فيه على قولٍ واحد، ثم كتابه "المقنع"، وذكر فيه الروايتين والوجهين، وزاد فيه من المسائل، ولم يذكر الدليل، ثم كتابه "الكافي"، وتوسع فيه في ذكر الأقوال، وذكر بعض الأدلة وناقشها، ثم وضع أخيرًا كتابه "المغني"، وفيه يذكر الخلاف العالي، ويثبت مذهب الصحابي ومن تبعه من الأئمة، ويتوسع في الأدلة، ويرجح، وله اختيارات، وقد صُنِّفت فيها رسائل.
وفي الفقه المقارن بعد أن يضبط المتفقهُ المذهبَ يمكن أن يبدأ بكتاب "رحمة الأمة في اختلاف الأئمة" للدمشقي، وهو من مجلدٍ واحد، ثم "الفقه الميسر" للشيخ عبد الله الطيار والشيخ عبد الله المطلق والشيخ محمد الموسى، ويقع في ثلاثة عشر مجلدًا صغيرًا، خُصصت المجلدات الخمسة الأخيرة لفقه النوازل في مختلف الأبواب، وهذا الكتاب سهلُ العبارة، وهو والذي قبله يذكران المسائل دون أدلة، ثم يقرأ "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" لابن رشد، وينصح بتحقيق الأستاذ ماجد الحموي، ويقع في أربعة مجلدات، والكتاب يُرَكِّز على أسباب الخلاف، وله دورٌ عظيم في تكوين الملكة الفقهية، لكنه يحتاج لصبر وصحبة أستاذ، ثم يقرأ "الفقه الإسلامي وأدلته" للشيخ وهبة الزحيلي، والشيخ رحمه الله يستعرض فيه أقوال الأئمة الأربعة وأدلتها، وله بعض الترجيحات، ويقع الكتاب في أحد عشر مجلدًا كبيرًا، ثم الموسوعة الفقهية الكويتية بعد ذلك، علمًا بأنها تُورد المسائل بناء على المصطلحات الفقهية مرتبةً على الأحرف الأبجدية لا على الأبواب الفقهية، على أنه يُمكن للطالب أن يختار كتابًا من هذه الكتب، ويجعل مدار دراسته عليه، ويجعل البقية بمثابة المراجع التي يقصدها عند الحاجة.
والتدرج في التعلم وإن كان جادةً متبعةً عند أهل العلم، في علم الفقه وغيره.. إلا أن تفصيله ليس بتوقيفي؛ فيمكن أن يختلف من عالمٍ لآخر، ومن مدرسةٍ لأخرى، لكنه مهمٌّ على كل حال، والطالب الذي يبدأ بكتب المراحل الأخيرة لم تصح له بداية حتى يُتفاءل له ببلوغ الغاية والنهاية، ومسألة تعثره أثناء الطريق مسألةُ وقتٍ على الظنِّ القوي المتأكد، أما المتبع مدارج المتفقهين فقد قرب فلاحُه، ورُجي رسوخُه، وكم كنت أشفق على من بدأ حياته العلمية بتفسير القرطبي وفتح الباري وألفية ابن مالك ونحو ذلك.
وعقب بيان منهج الفقهاء في التصنيف والتلقي لا بد من كلمةٍ لأخي الطالب المتفقه..
قال لي أحد مشايخي يومًا: "كلما زاد علم الرجل قل إنكاره"، وعليه؛ فإن الطالب المبتدئ إذا أخذ في طريق التفقه، وقرأ الكتب المذهبية الخالية من الأدلة، ثم وجد ما يخالفها.. فقد يقع في نفسه أن الأئمة خالفوا الدليل، وأسهل ردٍّ أسمعه من بعضهم أن الدليل ربما لم يصلهم، وهذا الكلام وإن تُصور في الإمام صاحب المذهب.. فكيف يتصور في رجال مذهبه الذين مكثوا ثمانية قرون وهم يتممون المذهب بعده؟! فالإمام الشافعي مثلًا توفي سنة [204 هـ]، والإمام الرملي الذي عليه المدار في الفتيا عند الشافعية-هو وابن حجر الهيتمي- كانت وفاته سنة [1004 هـ]، فمأخذ المسألة مختلف كما سيتبدى للطالب بعد ذلك، وهذه مسألة تحتاج لمقالٍ مستقل، وعسى أن أكتبه يومًا..
ولو صبر الطالب حتى ينتهي من دراسة الصرح الفقهي كاملًا كما بناه السادة الفقهاء لضحك على نفسه كثيرًا من تصوراته بداية الطلب، وكأن الشيخ مصطفى البغا لما وجد قلةً في صبر الطلبة عن ذلك، وكثرةً في اتهامهم للأئمة بمخالفة النصوص كفاحًا راح يطمئن الطلبة بكتابة أدلة الكتب التي عليها مدار التدريس عند الشافعية في بلاد الشام؛ وهي متن أبي شجاع وعمدة السالك لابن النقيب المصري والمنهاج للنووي، فكتب كتبه الثلاثة: التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب، وتنوير المسالك شرح وأدلة عمدة السالك، وإفادة الراغبين شرح وأدلة منهاج الطالبين، ولابن الملقن كتابٌ ذكر فيه أدلة "المنهاج" من السنة، واسمه: "تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج"، وفيه زيادة عن ألف وثمانمائة حديث.
والنصيحة لله أن يلتزم الطالب ما في الكتب تعلمًا وعملًا، فالطالب الذي يدخل في طريق التفقه متشككًا مما فيه لا يصل، والحق لا يخرج عن المذاهب الأربعة في عامة الشريعة كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، والخطأ وإن كان واردًا في كل مذهبٍ إلا أن الشاذ قليلٌ نادر.
ومن فوائد التمذهب أنه ييسر لك ضبط الفقه المقارن؛ فلديك مذهبٌ منضبط تُقارن غيره عليه، ثم لو احتاج الطالب الخروج عن المذهب لاعتبارٍ ما.. فإن ذلك يكون منضبطًا معلومًا لديه، وفي حال فقد المفتي الذي يستفتيه في مسألته، أو الترجيح إن كان أهلًا لذلك.. فإن التزام المذهب يعصم صاحبه من اتباع الهوى، والانتقاء من الأقوال كيفما شاء.
وبعض من لا يدري يظن أن المتفقه مُوغلٌ في دربِ التقليد أبدًا، ويُورد ما لا يُحصى من النقول أن المقلد ليس بعالمٍ، وهو لا يدري حدَّ التقليد بعدُ، وكأن الطالب مطالبٌ أن يبدأ حياته مجتهدًا يناقش ويرجح، وفاته أن التمذهب نظامٌ اجتهاديٌّ متكامل، أصولًا وقواعدَ وفروعًا، يأخذ الطالب من السفح ويبلغه القمة برسوخٍ واقتدار، ويغرس فيه الملكة الفقهية حتى يصبح من أهل النظر، يحق له أن يُرَجِّح ويُخَرِّج ويُحَقِّق، فالتمذهب هو أقصر طريق نحو الاجتهاد، ولما تُرك هذا الطريق قل عددُ الأئمة الفقهاء المعتبرين، وإن الناظر في حاشية البيجوري مثلًا ليمتلأ قلبه دهشةً وعجبًا عندما يعلم أن البيجوري توفي قبل نحو مائة وستين عامًا فقط بعد أن يرى الملكة الفقهية المبهرة منثورة في ثنايا الكتاب!.
آهٍ لو صبر الطالب على نفسه، وانزوى عن التصَدُّر بضع سنين، حتى تكتمل آلته العلمية، فإنه متى فعل ذلك، وأخلص لله في قصده وطلبه.. عاين من فضله ما لم يخطر له ببال، وإذا أعطى الله أدهش.
وإذا كان التقليد اتباعَ قول الإمام دون معرفةٍ بحُجته.. فإنك في المذاهب تستطيع معرفة الحجة، والكتب التي تذكرها معروفة مشهورة لا يحول بينك وبينها أحد، وهي آتية في طريقك عما قريب، والطريق ستُبَلِّغُكَ رتبةَ النظر في الأدلة، وهذه التربية المذهبية لا تستوي مع المقلدة الذين يعدون قول الإمام بمنزلة نصوص الكتاب والسنة مطلقًا؛ لأن بعض المدارس كبعض المتصوفة في بعض البلاد يعدون طلب الدليل ضلالًا محضًا، وتشكيكًا في ديانة الإمام وعلمه، وهو مما يُفقد صاحبه درجة التسليم لأئمة الدين، فأين نحن من هؤلاء؟! فالفرق ظاهرٌ بين منهج هذه المدرسة وبين من يمشي بك في طريقٍ مبصرة، وينبيك أن للقول دليلًا يمكنك الاطلاع عليه في أي وقت، وهو آتٍ معك في منهج التلقي بعد مدةٍ يسيرةٍ قد لا تزيد عن الشهر الواحد فيما لو كان الطالبُ صاحب عزم في الطلب.
وقد رأيت بعض أهل الفضل ممن يذم المتون جدًّا لخلوها من الأدلة، ويضرب مثالًا بالمنهاج للنووي، ثم يمدح كتب الفقه التي تذكر الخلاف وتُرجح، وضرب مثلًا للكتاب الذي ينبغي الاعتناء به بالمجموع للنووي، مع أن مؤلف الكتابين واحدٌ!، لكن النووي يُدرك أن الطالب لا سبيل له إلى المجموع إلا عبر المرور بالمنهاج ونحوه، ولست أدري هل يؤيد قائل ذلك أن يبدأ الطالب طريقه الفقهي بالمجموع للنووي!.
فالمختصرات مظلومة يا قوم، والمرور عليها إجباريٌّ لا اختياري، وهذا الكلام يكاد يكون كالفرض في بعض الأبواب الصعبة؛ كباب الحيض وبعض أبواب المعاملات، فلا مجال لنيل مادة المطولات إلا عبر المرور بالمختصرات، وكم ظُلمت المختصرات والمتون لمَّا لم يقدرها قدرها كثيرٌ من الطلبة، وسيظهر للطالب يومًا أن مجرد التكرار للمتن عدة مرات يورثه نظرًا إجماليًّا للعلم الذي يدرسه لا يتحصل بالقراءة التفصيلية فيه، ولا يغني هذا عن ذاك، وقد كان العز بن عبد السلام يستعرض أبواب العلم كل ليلةٍ قبل النوم؛ لما لها من عظيم النفع والفائدة، على أن المتون ليست ناشئة في عصور التقليد كما يظن بعض طلبة العلم؛ بل تمتد إلى عصر الاجتهاد الأول؛ فمصنفات الشافعية منبنية على مختصر المزني تلميذ الإمام الشافعي نفسه، وهو من هو في المذهب!.
فيا أيها الطالب الكريم؛ اعقل منهج القوم قبل أن تقطع بتصورٍ ما، وتأهل قبل أن تتصدر، واصبر على الطلب، ولا تترك سائر العلوم لصالح فنٍّ واحد؛ فإن التخصص نافعٌ في آخر الطريق مضرٌّ في أوله، ولا يضر تسجيلك في تخصصٍ ما لمصلحة الدراسة الأكاديمية، وعلى ذلك فخذ بحظك الوافر من علم اللغة والأصول والمعتقد والفقه والتفسير والحديث والسيرة والتاريخ والفكر والاقتصاد وغير ذلك مما يصنع عندك نظرًا إجماليًّا يعينك على فهم كليات الشريعة، والعلم مفاهيم وتصورات أكثر من كونه معلومات وجزئيات، والطالب الذي أوتي حظًّا من الفهم والحكمة يهتم بالتأصيل أكثر من اهتمامه بمعرفة الراجح والمعتمد، وعنايته بمسلك الإمام في الوصول إلى القول أربى من عنايته بالقول نفسه، والشيخ الذي يحسن الغرس يهتم بتربية الطالب على منهج الوصول أكثر من حرصه على نتيجة الوصول، فليس الطالب كالعاميِّ في ذلك، فاصبر على شدائد الطلب والتحصيل والتأصيل، وأخلص لله؛ فعلى قدر الإخلاص الصاعد من الأرض يكون التوفيق النازل من السماء.
هذا؛ وصل الله وسلم على سيدنا محمد، والحمد لله رب العالمين
([1]) أما أشرفها فعلم التوحيد، ولا قيام لصرح هذين العلمين إلا على قاعدة الكتاب والسنة، فالمفاضلة المطلقة بين علوم الغاية الأربعة: العقيدة والفقه والتفسير والحديث لا طائل من ورائها؛ لحاجة الطالب إليها جميعًا، والتعظيم لأحدها مع تهوين الأخرى اختلالٌ في النظر والتصور، وكم ورَّث الناس من ضرر.
([2]) مع التنبيه أن وضوح المراحل يتفاوت من مذهبٍ لآخر، ومن عالمٍ لآخر، فالأمر هنا ليس ككتب المناهج الدراسية التي تصدر عن لجنة تعرف ما تضع في كل مرحلة؛ بل لكل عالمٍ نفسُه ومنهجه وأسلوبه الذي يميزه عن غيره، غير أنَّ الناظر في مجمل التصنيف الفقهي يجده قريبًا مما يتقرر هنا.
([3]) والغالب أن خلاف أئمة المذهب في القول الواحد يوافق أقوال المذاهب الأخرى، حتى قال بعض فقهاء الشافعية: كل قول لغيرنا يوافق قولًا في مذهبنا، والكلمة وإن كانت المبالغة ظاهرة فيها إلا أنها قريبة من السداد.
تعليقات الفيسبوك