روشتة الفشل القيادي (2)
بقلم: عبد الله يوسف
ليس هناك حدٌ خلفيٌ للفشل، إذ إنه كحلقة في سلسلة، كل فشلٍ يُسلّم الآخر إن لم تكبحه بنجاح، بل إنّ النجاح لا بُدّ أن يمُرّ من عتبات وعقبات الفشل إلا إذا أراد القائدُ أن يستمر في مسيرة فشله، وها نحن نكمل معه مسيرة الفشل المؤكد في روشتة ثانية عاجلة وسريعة.. لكنها مضمونة النتائج!.
سادساً: استعراض ذكائك
انظر إليهم على أنهم أغبياء، لا يفهمون شيئاً ولا يدركون.. استعرض قدراتك وكفاءتك أمام أتباعك، أشعرهم أنهم بدونك لا شيء، وأنّ قدراتك هي رافعة العمل، وأن الأنظار مُوجّهة إليك فقط دون غيرك، فأنت (سوبرمان المؤسسة) وحامل المفاتيح، وقائد المسيرة، وصاحب الشهادة العليا، وذي العقل الأكمل والأتمّ!.
استعرض خبرتك وذكائك، واجعلهم صاغرين حتى أمام أنفسهم، فهذا هو الأسلوب الأكثر جدارة في أن يجعلهم يرون فيك الحَبْرَ الأعظم، والملهم الموهوب، والرجل الذي يُوحى إليه .. فيعمدوا إلى تعطيل عقولهم، وإيقاف زر تشغيلها، وتعطيل محركها فلا داعي لها؛ فقائدنا يُفكّر بدلاً منا، ويحمل عنّا مؤونة تشغيل عقولنا!.
استعرض ذكائك، وضع الخطط بنفسك، ولا تشاورهم فيها، ولا تناقشهم في جدواها؛ فهي صادرة عن عقل (الذكيّ الأكبر)، فما عليهم إلا أن ينفذوها بحذافيرها دون تبديلٍ أو تغيير أو تطوير .. افعلها، وستجدهم مجرد آلات لا يعون ما يعملون!.
سابعاً: التكلمُ غاضباً
من قال لك أن الصوت المنخفض قوة؟ ومن قال لك أن الهدوءَ دليلُ حُلمٍ وحكمة؟ ومن نصحك بألّا ترفع صوتك أكثر ممّا يحتاجه السامع؟ .. لا تسمع لهؤلاء الضعفاء، واسمع منّي نصيحة بثقل الذهب.
أتباعك – أيها القائد – لا ينفعُ معهم الهدوء، والسكينة، والحوار الهادئ، والكلام الرزين، فهم ليسوا إلا مُنفذّين مطيعين صاغرين، فأنت حين تكون معهم تكون في حلبة قتال وليس في مكتب عمل كما يدعون، وأنت تُثبت رجولتك لا أخلاقك كما يتوهمون ..
لذا، ارفع صوتك، ثم ارفع صوتك، ثم زمجر.. اجعل شرايين رأسك تبرز كأنها ستنفجر، وحدّق بعينيك جاحظاً، وقطّب جبينك، وكشّر عن أنيابك، واقبض على يديك، واضرب بهم ما تراه عينيك ..
عندما ترسم هذا المشهد، وبشكلٍ دوري .. تأكد أنّك على الطريق الصحيح نحو نجاحٍ تكتيكي وفشلٍ مدوٍ على البُعد الاستراتيجي.
ثامناً: لا تعبّر عن التقدير
على ماذا نقدر الأتباع؟ أليس من واجبهم القيام بوظيفتهم حق القيام؟!، ومن يستحق التقدير؟ القائد الذي يبتكر عقله الخطط أم الأتباع الذين ليس عليهم إلا التنفيذ؟! .. أليس من واجب الأتباع شكر قائدهم على ما يبذله من جهد في سبيل رقي المؤسسة ورفعتها؟!
فإذا أردت أن تبقى عالي الرأس ببنات أفكارك، فلا تعبّر عن تقديرك لجنودك في جهوزيتهم العالية، ولا لأتباعك في تحشيد الجماهير، ولا لمرؤوسيك في إنجاز الخطط والتقارير في أوقاتها المحددة .. لا تعبّر عن تقديرك للآخرين ..
تعبيرك عن تقديرك لهم سينفخ فيهم رماد الأنفة والكبرياء، وسيجعل منهم صورة غير واقعية أو حقيقية، وسيضعهم في إطارٍ أكبر منهم لا يستحقونه، وربما يأخذهم التقدير والمدح والنفخ إلى الاعتداد بالرأي، فلا يعودون يسمعون كلامك، أو يقدرون قراراتك، أو يرفعوا لك القبعة إكباراً وإجلالاً لك.
فخذها مني: لا تقدرهم، ولا تذكر إنجازاتهم على الملأ، ولا تشكرهم، ولا تعترف بنصائحهم لك، وأفكارهم تجاه العمل، وإلا ستجد نفسك يوماً ما، أنت على الباب وهم في الصدارة!
تاسعاً: احجب المعلومات
إياك أن تُطلع أتباعك على المعلومات، حاول أن تجعلها خاصة بك وحدك، فبها تصول وتجول، وتتبختر بين الصفوف، فهي التي تميزك عنهم، وتعطيك أرجحية في كثيرٍ من المواقف .. لا تفرط فيها، واجتهد ألّا يحصل عليها أحد، أو يستفيد منها تابع!
هذه المعلومات ملك القائد، ولا يجوز لأي أحد الاطلاع عليها، فإذا شاء الجند معرفة شيء فعند القائد الجواب الكافي، والدليل الهادي..
لا تصدق من يقول لك أنه يجب على القائد أن يوفر المعلومات لجنده، ويشاركهم فيها، ولا يمنعهم إياها، بل يجب عليهم أن يبحثوا عنها، ويسألوها الناس، ويقلِّبوا بين الكتب والمحاضر والأسرار إذا شاءوا الحصول عليها.
المعلومات للقادة، وعلى الأتباع أن لا يفهموا مُراد القائد، وما الذي يُدبّره بليل، أو يخطط له في ضحى، فقد تعب القادة حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه!
جرّب أن تحجب المعلومات عن أتباعك، وستجدهم يسيرون على غير هُدى، منكبّين على وجوههم!
عاشراً: كن سلبياً
السلبية قوة، وجمود العقل أصالة، والتمسك بالقديم الذي لا ينبغي تبديله أو تغييره موروث الآباء المقدس، فلا تغير جلدك، ولا تسمح لهم بتطوير أدائك، أو نصحك، أو إرشادك لمكامن القوة لتنقل مؤسستك من الأدنى إلى الأعلى.
ارفض كل اقتراح، ومزّق كل مشروعٍ جديد، حافظ على التقليد الموروث عن القادة السابقين، لا تضيفُ جديداً ولا تلغي قديماً، أبق على اللوائح والنُظم كما هي، لا تُغيّر ولا تبدّل، وابق صامداً على ما وجدتَ عليه آبائك وقادتك الراحلين!.
ماذا يعني أن أكون قائداً سلبياً؟ أن أكون منغلقاً غير منفتح، أغلق عقلي وقلبي وروحي، لا أطرحُ جديداً، ولا أنقد واقعاً قائماً، لا يذكرني أحد إذا ذُكر النجاح والتغيير، ولا يُقدّرني أحد إذا ذُكرت القفزات والنقلات النوعية في مسارات العمل!.
أن أكون قائداً سلبياً يعني أن أكون موظفاً عبداً للراتب ومكافأة آخر الشهر، لا قائداً رسالياً يحمل رسالته ودوره في أي مكان ارتحل إليه، أو أي محفلٍ تكلم به!.
صديقي القائد، كن سلبياً؛ لأن كُلفة القائد الإيجابي كبيرة، وضريبة الإيجابية لا يقدر عليها إلا الرجال؛ فإنها ستمتص رحيق روحك، وتسلب منك وقت زوجتك وأطفالك، وتؤرق نومك، وتجعلك جاهزاً للوثوب في كل دقيقة ولحظة!!
لذا كن سلبياً، وأرح رأسك!
تعليقات الفيسبوك