أقلام صاعدة

عن الأثمان المدفوعة أضعافاً

بقلم: أ. محمد جمال النجار

 

كان التعلم بالتجربة والخطأ هي الوسيلة الأولى للإنسان في طريقه لتحصيل المعرفة، وتعتبر هذه الطريقة الأعلى كلفة، والأشد عسرة، والأكثر استنزافاً للوقت والجهد للوصول لعين الحقيقة.

غير أن كلفة هذه التجربة على الصعيد الفردي بسيطة إذا ما قورنت بربط مصيرك بتجارب الآخرين، أو اجتهاداتهم، أو أهوائهم الشخصية، *أو طموحاتهم ومشاريعهم وأحلامهم، فإما الهلاك على عتبات تحقيق أحلام من سواك، أو بذل الوسع في تحقيق حلمك وبناء تجربتك وإن كتب لك الفناء قبل الوصول.

فقد هلكت ألمانيا من ذي قبل بسبب جنون هتلر، وضاعت الخلافة العثمانية بسبب حسابات خاطئة في حرب عالمية لم تكن طرفا فيها، وهلك مئات ملايين الناس بسبب أحلام بعض الطامعين. 

أما على صعيدنا الشخصي، فكم دفع الناس في حياتهم أثمانا بسبب إهمال طبيب، أو كسل مدرس، أو تباطؤ موظف، أو انحياز شرطي، أو ظلم والد، أو نظرة مجتمع، كلها كانت مضاعفة، بين موت، وجهل، وتخلف، وطلاق وعنوسة. 

وكم أهلك الشعوب توهم قائد، ومغامرة عسكري، ومكابرة عِلية القوم على جراح شعوبهم، وكم مكث في السجن أسارى بسبب تلكؤ أهلهم عن نصرتهم وفك قيدهم، وكم ضلل رائدٌ أهله، وكم سوّف شيخ ربعه، وكم أضر كاهن بلده كل بسمفونيته التي يتقنها تنظيرا وتأطيرا.. 

كم فقدنا من أرواح، وكم امتدت معاناة، وكم دمرت دول، وانهارت منظومات، لنزوات فارس، وغضبة جاهل، وجبروت سلطان، وقد قيل فيما مضى: زلات القادة مهالك. 

كم أوغرت جراحٌ فينا بسبب لا مبالاة مسئول، وكم أنهك كسر الخواطر أجسادا، وأدمى قلوبا، حتى أضحت دمىً بلا أرواح، وكم ضاعت أحلام على أبواب الوصاية، ودعوى المسئولية. 

لقد ابتدأ الله دين محمد بكلمة اقرأ، والقراءة هي بوابة الفكر، وهي المبتدأ والخبر، فكر قبل أن توغر،  وأبصر الطريق قبل أن تلحق بالركب، واعرف متى تبذل عرقك، ومتى تسقي دمك لفكرة تستحق، ورجال يقدرون، فالزمن لا يعوض، وما مضى لن يعود، فأدرك خطاك قبل أن تدفع الثمن أضعافا مضاعفة. 

وإلى حين أن تبصر، وإلى حين أن تعلم، الزم جانب الله فطريق الله هو سبيل الوصول، والرجال يُعرفون بالحق، ولا يعرف الحق بالرجال. 

تعليقات الفيسبوك

كن معنا في نشر الوعي

"وتتعمّد منهجيتنا التربوية تربية صفوة كبيرة الحجم من الدعاة تتكون منها قاعدة صلبة للعمل الدعوي وتحمل أثقاله، وتصبر على طول الطريق، وتتكون منها الطبقة القيادية، ثم نحاول صناعة طبقة واسعة من الموالين للدعوة". 11

كن معنا