الوعي الدعوي

رسالة الأخ القائد إسماعيل هنية ينعى فيها الشيخ يوسف فرحات

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وصدق الله القائل :
(وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
ودعت اليوم فلسطين وغزة العزة علمًا من الأعلام ورجلاً من الذين صدقوا وما بدلوا تبديلا..

الأخ الدكتور يوسف فرحات أبو الحسن العالم المجاهد صاحب الهمة العالية والوثبة المتقدمة في سبيل الله، والاستقامة الفكرية والسياسية..

إنه من السابقين الأوائل في جيل الصحوة والرواد الذين دافعوا عن الفكرة وماتوا وهم كذلك..

أخ أحببناه في الله منذ كنا معاً طلاباً في الجامعة الإسلامية في ثمانينات القرن الماضي فقد كان من أصحاب الهمة العالية، عميق الجذور مدافعاً عن الموقف مُنظِراً للمنهج بسماحة ومتانة..

كأنني الآن أراه متنقلاً بين الكتل الطلابية في فترات الانتخابات يحاجج ويدافع ويسجل الحضور الناجز لكتلته الإسلامية ولحركته مع إخوة آخرين تم تعينهم في هذا الجانب الذي يجيدون هذا النوع من العمل الذي يشتبك إيجابياً مع الآخر.

وكان رحمه الله لا يكل ولا يمل بل يفعل ذلك وهو متشوق لمستقبل نعيشه الآن، وننتظر منه المزيد من العلو لفكرة السماء وجيل التحرير للأرض والمقدسات (عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ)..

وسار رحمه الله في دروب العلم المستنير، والجهاد المستبصر، لا يتردد في إثبات الحق بوسطية وتوازن دقيق..

وما زلت استحضر له جهده المتواصل في حماية الدعوة والمنهج الوسطي، ومواجهة محاولات الجنوح نحو الغلو بالفكر، وفرض مفاهيم التطرف والتعصب على قطاعنا؛ فاعتلى رحمه الله المنابر وواجه الحجة بالحجة، وحمى مع إخوانه العلماء والتربويين الجيل من الشطط والتهور..

لقد حافظ رحمه الله على السمت الإيماني لرجل العقيدة و القيم التربوية، لرجل الدعوة والثبات والسكينة، لرجل الجهاد فجمع خصالا نحن أحوج ما نكون إليها ونحن نخوض غمار العمل المتشعب في مساحات عديدة وجبهات متنوعة (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ)..

و على سيرة العلماء الأوائل تعرض أبو الحسن -رحمه الله- للسجن والتعذيب، وتعرض للمحن من قبل المحتلين وغيرهم؛ يبحثون عن دوره في المقاومة والإيواء للمجاهدين واحتضانهم في سنوات الغربة والشدة، لكنه ظل شامخاً صُلباً عنيداً في وجه الجلاد..

ولعل من عاجل البشرى للحبيب أبي الحسن أن الله قدر له الموتة المحفوفة برحمات ليلة النصف من شعبان ولطائفها وعظيم نعم الله فيها، ومصحوبا كذلك برحيل القادة الذين شيعتهم فلسطين القائد أبو عاصف البرغوثي، والدكتور عدنان أبو تبانة، والدكتور ماجد الفرا، فهو جدير بموكب الكبار لأنه منهم، ولا نزكيهم على الله (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا)..

ونقول هذا وفدنا إليك يا رب يحملون معهم صبراً، وجهادا ورباطاً في بيت المقدس وأكنافه المطهرة، فتقبلهم ربنا في الصالحين، واجعل لهم لسان صدق في الآخرين، واجعلهم من ورثة جنة النعيم..
 
ولعل من تعانق الأرواح أت يعمم الدكتور أبو الحسن على جميع خطباء الجمعة تخصيص الخطبة الثانية للحديث عن القائد أبي عاصف البرغوثي؛ فتحدثت بذلك كل مساجد القطاع، فسبحان من جمعهم في مشروع واحد وقبضهم إليه قبضاً يسيرا.

وإننا نتقدم من أنفسنا، و إخواننا جميعاً في غزة والوسطى والنصيرات، وللأسرة الصابرة، الوالدة والزوجة والأبناء، وإخوانه وأخواته بادأحر التعازي، وللإخوة في وزارة الاوقاف، سائلين الله تعالى أن يرحمه ويحسن، إليه، وينزله منازل المكرمين من عباده في مقعد صدق عند مليك مقتدر..

✍️ أخوكم إسماعيل هنية (أبو العبد)

تعليقات الفيسبوك

كن معنا في نشر الوعي

"وتتعمّد منهجيتنا التربوية تربية صفوة كبيرة الحجم من الدعاة تتكون منها قاعدة صلبة للعمل الدعوي وتحمل أثقاله، وتصبر على طول الطريق، وتتكون منها الطبقة القيادية، ثم نحاول صناعة طبقة واسعة من الموالين للدعوة". 11

كن معنا