تجاوز السلسلة التنظيمية
قد يتجاوز أحد الأعضاء السّلسلة التـّـنظيميّة فيذهب إلى القائد مباشرة إن كان يعرفه أو إلى المسؤول عن مسؤوله ، ويبحث معهما مسائل تخصّ الدّعوة ، فهل من حقّ القائد رفض التـّـفاهم معه ثمّ إرشاده إلى تفهيم المسؤول المباشر عنه ليقوم هذا بدوره بتفهيم الأعلى منه ؟ أم يجب على القائد الاستماع له والتـفاهم معه مباشرة ؟
نقول إنّه يجوز للقائد التـّـفاهم المباشر مع الأعضاء ، لكـن ذلك ليس بواجبٍ ، ومن حقّ القائد أن يردّ من يطلب ذلك من الأعضاء ، ولنا في ذلك سابقة :
أخرج البخاري ( أنّ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال حين أذن لهم المسلمون في عتق سبي هوازن : "إنّي لا أدري من أذن منكم ممن لم يأذن ، فارجعوا حتـّى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم ، فرجع النّاس فكلّمهم عرفاؤهم ، فرجعوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبروه أنّ النّاس قد طيّبوا وأذنوا ". ).
والحادثة وردت لمّا ردّ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حصّته من سبي هوازن إلى وفد هوازن لمّا أسلموا فخاطب الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم عامّة المسلمين وطلب منهم أن يقتدوا به فيردّوا حصّتهم و أن يعوّضهم من أوّل ما يفيء اللّه على المسلمين ، فقال النّاس : قد طيّبنا ذلك لهم يا رسول اللّه ـ أي سمحنا بردّ سبيهم إليهم ـ فأمرهم بالرّجوع إلى العرفاء في الجيش .
وإذن فلا موجب لأن يضيق صدر الدّاعية من ردّ القائد أو المسئول الأعلى في المنطقة له ، وإذا أرشده إلى إتـّباع الطّريق التـّـنظيمي فليتبّع .
ثمّ إنّه حتـّى لو لم تكن هذه السّابقة فيمكن من باب سدّ الذّرائع ، في الحالة الّتي يكون فيها القائد علنيا معروفاً ، أن يردّ القائد من يأتيه ، إذ في مواجهتهم له مصلحة ، لكن غالبًا ما يسيء العضو استعمالها ، فيأخذ من وقت القائد قسطًا كبيرًا ، ويضع له قائمة أسئلة طويلة ويسأله عمّا يعنيه وعمّا لا يعنيه. فإذا تكرّر هذا كلّ يوم مع عددٍ من الأعضاء ضاع وقت القائد ، ولم يتمكّن من متابعة التـّنظيم والنّظر في سياسات الجماعة ، وتلك مفسدة ، كانت ذريعتها السّماح للأعضاء بمواجهته مباشرة في المسائل الّتي تخصّ الدّعوة ، فتـُسد هذه الذريعة .
تعليقات الفيسبوك